السبت، 22 مايو 2010

ضبط النفس


* مظاهر عدم ضبط النفس:
كيف نعرف أن هذا الإنسان لم يضبط نفسه؟ هناك مظاهر عدة ودلالات أذكر هنا أبرزها:
- سرعة الغضب والانفعال، والتأثر.
حدوث أفعال وردود أفعال لم تدرس عواقبها، نسمع أحيانا أن هناك تصرفات تحدث كرد فعل
لم تدرس عواقبها، وهذه هي التي قلت قبل قليل أﻧﻬا تجر علينا الويلات.
مثلا قد يؤذى أحد الدعاة، ويطلب منا في هذا المقام أن ننصر أخانا نصرا مؤزرا، (أنصر أخاك
ظالما و مظلوما)، لكن ما الذي يحدث بسبب الحماس والانفعال، وبسبب عدم ضبط النفس ؟
قد يتصرف البعض تصرفات تجر إلى ويلات، وتجر إلى مصائب، وتجر إلى أمور لا تحمد عقباها،
وهذا أيها الأخوة يحتاج منا إلى نظر وإلى تبصر.
5
وحينما أشير إلى ذلك لا لكوﻧﻬا واقعة ولكنني أتحدث عنها لكي لا تقع، لأن معالجة المرض قبل
وقوعه أولى من معالجته بعد وقوعه.
لنأخذ مثلا واحدا: عند مسجد من المساجد جاء رجال الأمن لمنع بيع أشرطة التسجيل عند
المسجد، وهؤلاء الرجال جاءوا ينفذون أمرا قد صدر لهم، فبسبب الانفعال والحماس تحمس
بعض الحضور ووقع احتكاك بين رجال الأمن وبين هؤلاء الشباب الذين لا نشك في حماسهم
وخيرهم وصدقهم، ولكن ماذا تكون النتيجة؟
هل هذا التصرف منهم قد منعَ اتخاذ مثل هذه القرارات ؟ لا بل زاد الأمر سوء وجر على هؤلاء
الشباب أمورا نحن في غنى عنها.
هناك وسائل مشروعة نسلكها لإلغاء مثل هذه القرارات، بالكتابة للعلماء، بالاتصال بالعلماء،
بالكتابة للمسئولين، والوسائل متعددة ليس المقام لحصرها.
ولكن أن نستفز بمثل هذه الأمور، هذا ما يريده الأعداء، وهذا ما يتمناه الأعداء، وهذا ما يسعى
إليه الأعداء، فردود الأفعال غير المدروسة، يكون لها من الآثار كما وقع في بلاد كثيرة ما لا
يخفى على أمثالكم.
- إطلاق اللسان.
بالسب أو الشتم أو نحو ذلك كما سمعتم قبل قليل في الحديث الذي رواه البخاري لما قال
الرسول (صلى الله عليه وسلم) للرجل أقتلته، قال نعم، قال ولما؟ قال لأنه سبني وشتمني، فلم
يتمكن هذا من ضبط نفسه فأهوى عليه بالفأس فقتله.
كم من البيوت خربت لأن الزوج لا يتمكن من ضبط لسانه فيقع الطلاق، تتصرف المرأة تصرفا
خاطىء وقد تثير زوجها بانفعال أو غيره، فأقرب ما يتجه إليه الزوج هو أن يطلقَ لسانه
بالطلاق، وأمر الطلاق ليس بالأمر ليسير ولا بالأمر الهين، وكم جاء للعلماء وجاء للمشايخ من
يقول إنني كنت بانفعال، أنني كنت مغضبا وطلقت وأنا لا أشعر.
نعم المرأة تخطئ، والمرأة ضعيفة، لكن كيف نقابل هذا الأمر؟
هل نقابله بالضرب، أو بإطلاق اللسان، لا.
6
اسمعوا إلى هذه القصة لنعرف كيف نقابل مثل هذه الأحداث التي تقع في البيوت:
كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) عند عائشة في يوم من الأيام، فأرسلت إحدى زوجاته رضي
الله عنهن جميعا طعاما للرسول (صلى الله عليه وسلم) قد أصلحته بصحفة مع جارية لها.
فلما جاءت بالطعام والرسول عند عائشة، أخذت الغيرة عائشة رضي الله عنها، تأتي بطعام
واليوم يومها والرسول عندها.
الغيرة شديدة بالنسبة للنساء، فقامت عائشة وأخذت الصحفة وكسرﺗﻬا وانتثر الطعام، فقام
(صلى الله عليه وسلم) يجمع ما انتثر من الطعام ويقول:
غارت أمكم، غارت أمكم وهو يبتسم (صلى الله عليه وسلم)، وأخذ صحفة جديدة وأرسلها
إلى أم المؤمنين بدل ما كسر. الله أكبر ما هذا الأسلوب.
هل نتعامل مع زوجاتنا ﺑﻬذا الأسلوب ؟
هل غضب (صلى الله عليه وسلم) وضرﺑﻬا ؟
هل غضب (صلى الله عليه وسلم) وتكلم عليها ؟
هل غضب أقل شيء وخرج من عندها ؟
لم يفعل ذلكح (صلى الله عليه وسلم)، إنما قام هو يجمع ما انتثر من الطعام ويقول غارت أمكم.
ويعطي المرأة الأخرى صحفة بدل الصحفة التي انكسرت.
هذا هو خلق المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، وهذا هو الخلق.
كم من المتحادثين وبسبب كلمة قالها أحدهم، فرد عليه الآخر حتى تصل أحيانا إلى أن يلعن
الرجل أباه وأمه، (قيل كيف يا رسول الله يلعن الرجل أباه وأمه؟ قال يسب أب الرجل فيسب
أباه ويسب أمه الرجل فيسب أمه). أو كما قال (صلى الله عليه وسلم).
إن القلوب إذا تناثر ودها....... مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
فهذه بعض مظاهر عدم ضبط النفس.
وهنا يأتي أهم باب في هذا الموضوع، فأقول أدركنا من خلال ما ذكرت أهمية ضبط النفس،
وضبط الأعصاب، وأن نتصرف التصرفات الحميدة التي نحسب نتائجها قبل أي تصرف.
7
كل منا يقول أتمنى ذلك، كل واحد يقول أتمنى أن اضبط نفسي ولكن لا أستطيع، كل منا يقول
أريد ن اكتم غيظي ولكن لا أقدر.
فنقول لا، تقدر بأذن الله، تقدر إذا التزمت بأسباب سيأتي ذكر وبياﻧﻬا:
يقول الشاعر:
وإذا غضبت فكن وقورا كاظما........للغيظ تبصر ما تقول وتسمع
فكفى به شرفا تصبر ساعة........... يرضى ﺑﻬا عنك الإله وترفع
ويقول عروة ابن الزبير:
لن يبلغ اﻟﻤﺠد أقوم وإن شرفوا........ حتى يذلوا وإن عزوا لأقوام
ويُشتموا فترى الألوان مشرقة........ لا عفو ذل ولكن عفو إكرام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق